تلك هي قصة هود- عليه السلام- مع قومه كما حكتها سورة الأعراف. وقد وردت- أيضا- في سورة أخرى، منها: سورة هود، والشعراء، والأحقاف ... إلخ.
وينتهى نسب هود إلى نوح- عليهما السلام- كما قال بعض المؤرخين. فهو هود بن عبد الله بن رباح بن الخلود بن عاد بن عوص بن إرم بن سام بن نوح .
وقومه هم قبيلة عاد- نسبة إلى أبيهم الذي كان يسمى بهذا الاسم- وكانت مساكنهم بالأحقاف باليمن- والأحقاف جمع حقف وهو الرمل الكثير المائل.
وكانوا يعبدون الأصنام من دون الله، فأرسل الله إليهم هودا لهدايتهم، ويقال بأن هودا- عليه السلام- قد أرسله الله إلى عاد الأولى، أما عاد الثانية فهم قوم صالح، وبينهما مائة سنة.
وقوله: وَإِلى عادٍ أَخاهُمْ هُوداً قالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ إلخ معطوف على قوله- تعالى-: لَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ والمعنى:
وأرسلنا إلى قبيلة عاد أخاهم هودا فقال لهم ما قاله كل نبي لقومه: يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره.
ووصفه بأنه أخاهم لأنه من قبيلتهم نسبا، أو لأنه أخوهم في الإنسانية. ثم حكى القرآن أن هودا أنكر على قومه عبادتهم لغير الله، وحضهم على إفراده بالعبادة فقال: أَفَلا تَتَّقُونَ أى:
أفلا تخافون عذاب الله فتبتعدوا عن طريق الشرك والضلال لتنجوا من عقابه.
قال أبو حيان: وفي قوله: أَفَلا تَتَّقُونَ استعطاف وتحضيض على تحصيل التقوى. ولما كان ما حل بقوم نوح من أمر الطوفان واقعة لم يظهر في العالم مثلها قال لهم: إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ وواقعة هود كانت مسبوقة بواقعة نوح وعهد الناس قريب بها فاكتفى هود بقوله لهم: أَفَلا تَتَّقُونَ. والمعنى تعرفون أن قوم نوح لما لم يتقوا الله وعبدوا غيره حل بهم ذلك العذاب الذي اشتهر خبره في الدنيا، فقوله: أَفَلا تَتَّقُونَ إشارة إلى التخويف بتلك الواقعة المشهورة » .