ألا تتبعن ( لا ) زائدة أي أن تتبع أمري ووصيتي . وقيل : ما منعك عن اتباعي في الإنكار عليهم . وقيل : معناه هلا قاتلتهم إذ قد علمت أني لو كنت بينهم لقاتلتهم على كفرهم . وقيل : ما منعك من اللحوق بي لما فتنوا . أفعصيت أمري يريد أن مقامك بينهم وقد عبدوا غير الله تعالى عصيان منك لي ؛ قاله ابن عباس . وقيل : معناه هلا فارقتهم فتكون مفارقتك إياهم تقريعا لهم وزجرا . ومعنى : أفعصيت أمري قيل : إن أمره ما حكاه الله تعالى عنه : وقال موسى لأخيه هارون اخلفني في قومي وأصلح ولا تتبع سبيل المفسدين ، فلما أقام معهم ولم يبالغ في منعهم والإنكار عليهم نسبه إلى عصيانه ومخالفة أمره .
مسألة : وهذا كله أصل في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وتغييره ومفارقة أهله ، وأن المقيم بينهم لا سيما إذا كان راضيا حكمه كحكمهم . وقد مضى هذا المعنى في آل عمران والنساء والمائدة والأنعام والأعراف والأنفال .
وسئل الإمام أبو بكر الطرطوشي - رحمه الله - : ما يقول سيدنا الفقيه في مذهب الصوفية ؟ وأعلم - حرس الله مدته - أنه اجتمع جماعة من رجال ، فيكثرون من ذكر الله تعالى ، وذكر محمد - صلى الله عليه وسلم - ، ثم إنهم يوقعون بالقضيب على شيء من الأديم ، ويقوم بعضهم يرقص ويتواجد حتى يقع مغشيا عليه ، ويحضرون شيئا يأكلونه . هل الحضور معهم جائز أم لا ؟ أفتونا مأجورين ، وهذا القول الذي يذكرونه :
يا شيخ كف عن الذنوب قبل التفرق والزلل
واعمل لنفسك صالحا
ما دام ينفعك العمل
أما الشباب فقد مضى
ومشيب رأسك قد نزل
وفي مثل هذا ونحوه . الجواب : - يرحمك الله - مذهب الصوفية بطالة وجهالة وضلالة ، وما الإسلام إلا كتاب الله وسنة رسوله ، وأما الرقص والتواجد فأول من أحدثه أصحاب السامري ، لما اتخذ لهم عجلا جسدا له خوار قاموا يرقصون حواليه ويتواجدون ؛ فهو دين الكفار وعباد العجل ؛ وأما القضيب فأول من اتخذه الزنادقة ليشغلوا به المسلمين عن كتاب الله تعالى ؛ وإنما كان يجلس النبي - صلى الله عليه وسلم - مع أصحابه كأنما على رءوسهم الطير من الوقار ؛ فينبغي للسلطان ونوابه أن يمنعهم عن الحضور في المساجد وغيرها ؛ ولا يحل لأحد يؤمن بالله واليوم الآخر أن يحضر معهم ، ولا يعينهم على باطلهم ؛ هذا مذهب مالك وأبي حنيفة والشافعي وأحمد بن حنبل وغيرهم من أئمة المسلمين وبالله التوفيق .