قوله تعالى : كذب أصحاب الأيكة المرسلين الأيك الشجر الملتف الكثير ، الواحدة أيكة . ومن قرأ : أصحاب الأيكة فهي الغيضة . ومن قرأ : ( ليكة ) فهو اسم القرية . ويقال : هما مثل بكة ومكة ; قاله الجوهري . وقال النحاس : وقرأ أبو جعفر ونافع : ( كذب أصحاب ليكة المرسلين ) وكذا قرأ : في ( ص ) . وأجمع القراء على الخفض في التي في سورة ( الحجر ) والتي في سورة ( ق ) فيجب أن يرد ما اختلفوا فيه إلى ما أجمعوا عليه إذ كان المعنى واحدا . وأما ما حكاه أبو عبيد من أن ( ليكة ) هي اسم القرية التي كانوا فيها وأن الأيكة اسم البلد فشيء لا يثبت ولا يعرف من قاله فيثبت علمه ، ولو عرف من قاله لكان فيه نظر ; لأن أهل العلم جميعا من أهل التفسير والعلم بكلام العرب على خلافه . وروى عبد الله بن وهب عن جرير بن حازم عن قتادة قال : أرسل شعيب عليه السلام إلى أمتين : إلى قومه من أهل مدين ، وإلى أصحاب الأيكة ; قال : والأيكة غيضة من شجر ملتف . وروى سعيد عن قتادة قال : كان أصحاب الأيكة أهل غيضة وشجر وكانت عامة شجرهم الدوم وهو شجر المقل . وروى ابن جبير عن الضحاك قال : خرج أصحاب الأيكة - يعني حين أصابهم الحر - فانضموا إلى الغيضة والشجر ، فأرسل الله عليهم سحابة فاستظلوا تحتها ، فلما تكاملوا تحتها أحرقوا . ولو لم يكن هذا إلا ما روي عن ابن عباس قال : و ( الأيكة ) الشجر . ولا نعلم بين أهل اللغة اختلافا أن الأيكة الشجر الملتف ، فأما احتجاج بعض من احتج بقراءة من قرأ في هذين الموضعين بالفتح أنه في السواد ( ليكة ) فلا حجة له ; والقول فيه : إن أصله الأيكة ثم خففت الهمزة فألقيت حركتها على اللام فسقطت واستغنت عن ألف الوصل ; لأن اللام قد تحركت فلا يجوز على هذا إلا الخفض ; كما تقول " بالأحمر " تحقق الهمزة ثم تخففها " بلحمر " فإن شئت كتبته في الخط على ما كتبته أولا ، وإن شئت كتبته بالحذف ; ولم يجز إلا الخفض ; قال سيبويه : واعلم أن ما لا ينصرف إذا دخلت عليه الألف واللام أو أضيف انصرف ; ولا نعلم أحدا خالف سيبويه في هذا . وقال الخليل : الأيكة غيضة تنبت السدر والأراك ونحوهما من ناعم الشجر .