تفسير القرطبي - Al-Qortoby   سورة  الصافات الأية 5


سورة Sura   الصافات   As-Saaffaat
الصافات As-Saaffaat
وَالصَّافَّاتِ صَفًّا (1) فَالزَّاجِرَاتِ زَجْرًا (2) فَالتَّالِيَاتِ ذِكْرًا (3) إِنَّ إِلَٰهَكُمْ لَوَاحِدٌ (4) رَّبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَرَبُّ الْمَشَارِقِ (5) إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ (6) وَحِفْظًا مِّن كُلِّ شَيْطَانٍ مَّارِدٍ (7) لَّا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلَىٰ وَيُقْذَفُونَ مِن كُلِّ جَانِبٍ (8) دُحُورًا ۖ وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ (9) إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ (10) فَاسْتَفْتِهِمْ أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَم مَّنْ خَلَقْنَا ۚ إِنَّا خَلَقْنَاهُم مِّن طِينٍ لَّازِبٍ (11) بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ (12) وَإِذَا ذُكِّرُوا لَا يَذْكُرُونَ (13) وَإِذَا رَأَوْا آيَةً يَسْتَسْخِرُونَ (14) وَقَالُوا إِنْ هَٰذَا إِلَّا سِحْرٌ مُّبِينٌ (15) أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ (16) أَوَآبَاؤُنَا الْأَوَّلُونَ (17) قُلْ نَعَمْ وَأَنتُمْ دَاخِرُونَ (18) فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ فَإِذَا هُمْ يَنظُرُونَ (19) وَقَالُوا يَا وَيْلَنَا هَٰذَا يَوْمُ الدِّينِ (20) هَٰذَا يَوْمُ الْفَصْلِ الَّذِي كُنتُم بِهِ تُكَذِّبُونَ (21) ۞ احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ (22) مِن دُونِ اللَّهِ فَاهْدُوهُمْ إِلَىٰ صِرَاطِ الْجَحِيمِ (23) وَقِفُوهُمْ ۖ إِنَّهُم مَّسْئُولُونَ (24)
الصفحة Page 446
رَّبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَرَبُّ الْمَشَارِقِ (5)

رب السماوات والأرض وما بينهما على معنى هو رب السموات . النحاس : ويجوز أن يكون رب السماوات والأرض خبرا بعد خبر ، ويجوز أن يكون بدلا من " واحد " .

قلت : وعلى هذين الوجهين لا يوقف على " لواحد " . وحكى الأخفش : " رب السماوات - ورب المشارق " بالنصب على النعت لاسم إن ، بين سبحانه معنى وحدانيته وألوهيته وكمال قدرته بأنه رب السماوات والأرض أي : خالقهما ومالكهما ورب المشارق أي : مالك مطالع الشمس . ابن عباس : للشمس كل يوم مشرق ومغرب ، وذلك أن الله تعالى خلق للشمس ثلاثمائة وخمسة وستين كوة في مطلعها ، ومثلها في مغربها على عدد أيام السنة الشمسية ، تطلع في كل يوم في كوة منها ، وتغيب في كوة ، لا تطلع في تلك الكوة إلا في ذلك اليوم من العام المقبل . ولا تطلع إلا وهي كارهة فتقول : رب لا تطلعني على عبادك ؛ فإني أراهم يعصونك . ذكره أبو عمر في كتاب التمهيد ، وابن الأنباري في كتاب الرد عن عكرمة ، قال : قلت لابن عباس أرأيت ما جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في أمية بن أبي الصلت آمن شعره وكفر قلبه ، قال : هو حق ، فما أنكرتم من ذلك ؟ قلت : أنكرنا قوله :

والشمس تطلع كل آخر ليلة حمراء يصبح لونها يتورد

ليست بطالعة لهم في رسلها إلا معذبة وإلا تجلد

ما بال الشمس تجلد ؟ فقال : والذي نفسي بيده ما طلعت شمس قط حتى ينخسها سبعون ألف ملك ، فيقولون لها : اطلعي اطلعي ، فتقول : لا أطلع على قوم يعبدونني من دون الله ، فيأتيها ملك فيستقل لضياء بني آدم ، فيأتيها شيطان يريد أن يصدها عن الطلوع فتطل بين قرنيه فيحرقه الله تعالى تحتها ، فذلك قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ما طلعت إلا بين قرني شيطان ، ولا غربت إلا بين قرني شيطان ، وما غربت قط إلا خرت لله ساجدة ، فيأتيها شيطان يريد أن يصدها عن السجود ، فتغرب بين قرنيه فيحرقه الله تعالى تحتها لفظ ابن الأنباري . وذكر عن عكرمة عن ابن عباس قال : صدق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمية بن أبي الصلت في هذا الشعر :

زحل وثور تحت رجل يمينه والنسر للأخرى وليث مرصد

والشمس تطلع كل آخر ليلة حمراء يصبح لونها يتورد

ليست بطالعة لهم في رسلها إلا معذبة وإلا تجلد

قال عكرمة : فقلت لابن عباس : يا مولاي أتجلد الشمس ؟ فقال : إنما اضطره الروي إلى الجلد لكنها تخاف العقاب . ودل بذكر المطالع على المغارب ، فلهذا لم يذكر المغارب ، وهو كقوله : سرابيل تقيكم الحر وخص المشارق بالذكر ; لأن الشروق قبل الغروب . وقال في سورة [ الرحمن ] : رب المشرقين ورب المغربين أراد بالمشرقين أقصى مطلع تطلع منه الشمس في الأيام الطوال ، وأقصر يوم في الأيام القصار على ما تقدم في [ يس ] والله أعلم .

 


اتصل بنا | الملكية الفكرية DCMA | سياسة الخصوصية | Privacy Policy | قيوم المستخدم

آيــــات - القرآن الكريم


© 2022