وسيط - Waseet   سورة  البقرة الأية 114


سورة Sura   البقرة   Al-Baqara
وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَىٰ عَلَىٰ شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَىٰ لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَىٰ شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ ۗ كَذَٰلِكَ قَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ ۚ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (113) وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَن يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَىٰ فِي خَرَابِهَا ۚ أُولَٰئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَن يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ ۚ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (114) وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ ۚ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (115) وَقَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا ۗ سُبْحَانَهُ ۖ بَل لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ كُلٌّ لَّهُ قَانِتُونَ (116) بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ وَإِذَا قَضَىٰ أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ (117) وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ لَوْلَا يُكَلِّمُنَا اللَّهُ أَوْ تَأْتِينَا آيَةٌ ۗ كَذَٰلِكَ قَالَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِم مِّثْلَ قَوْلِهِمْ ۘ تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ ۗ قَدْ بَيَّنَّا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (118) إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا ۖ وَلَا تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ (119)
الصفحة Page 18
وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَن يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَىٰ فِي خَرَابِهَا ۚ أُولَٰئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَن يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ ۚ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (114)

ويرى بعض المفسرين أن هذه الآية نزلت في شأن الرومانيين الذين غزوا بيت المقدس وخربوه. ويرى آخرون أنها نزلت في كفار قريش حين منعوا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أن يدخل المسجد الحرام عام الحديبية.

وكيفما كان سبب النزول، فالآية تشمل بذمها ووعيدها، كل من منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعى في خرابها.

ومن اسم استفهام يراد منه النفي، أى: لا أظلم. والمساجد: جمع مسجد، وهو المكان الخاص للعبادة، مأخوذ من السجود، وهو وضع الجبهة على الأرض خضوعا لله وتعظيما.

والظلم: الاعتداء على حق الغير، بالتصرف فيه بما لا يرضى به، ويطلق على وضع الشيء في غير ما يستحق أن يوضع فيه، والمعنيان واضحان هنا.

وذكر اسم الله كناية عما يؤدى فيها من العبادات، إذ لا تكاد عبادة تخلو من ذكر اسمه- تعالى-:

والسعى في الأصل: المشي بسرعة في معنى الطلب والعمل.

والخراب: ضد التعمير، ويستعمل لمعنى تعطيل المكان وخلوه مما وضع له.

قال القرطبي: «وخراب المساجد قد يكون حقيقيا، كتخريب بختنصر والرومان لبيت المقدس حيث قذفوا فيه القاذورات وهدموه. ويكون مجازا كمنع المشركين حين صدوا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عن المسجد الحرام، وعلى الجملة فتعطيل المساجد عن الصلاة وإظهار شعائر الإسلام فيها خراب لها».

والمعنى: لا أحد أظلم ممن حال بين المساجد وبين أن يعبد فيها الله، وعمل في خرابها بالهدم كما فعل الرومان وغيرهم ببيت المقدس. أو بتعطيلها عن العبادة كما فعل كفار قريش، فهو مفرط في الظلم بالغ فيه أقصى غاية.

قال صاحب الكشاف: «فإن قلت: فكيف قيل مساجد الله، وإنما وقع المنع والتخريب على مسجد واحد هو بيت المقدس أو المسجد الحرام؟ قلت لا بأس أن يجيء الحكم عاما، وإن كان السبب خاصا، كما تقول لمن آذى صالحا واحدا: ومن أظلم ممن آذى الصالحين، كما قال- عز وجل-: وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ والمنزول فيه هو الأخنس بن شريق».

وقوله- تعالى-: أُولئِكَ ما كانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوها إِلَّا خائِفِينَ معناه: ما ينبغي لأولئك الذين يحولون بين المساجد وذكر الله ويسعون في خرابها أن يدخلوها إلا خائفين من الله- تعالى- لمكانها من الشرف والكرامة بإضافتها إليه- تعالى- أو إلا خائفين من المؤمنين أن يبطشوا بهم، فضلا عن أن يستولوا عليها ويمنعوا المؤمنين منها.

قال ابن كثير: «وفي هذا بشارة من الله للمسلمين بأنه سيظهرهم على المسجد الحرام، ويذل لهم المشركين حتى لا يدخل المسجد الحرام واحد منهم إلا خائفا يخاف أن يؤخذ فيعاقب، أو يقتل إن لم يسلّم، وقد أنجز الله هذا الوعد فمنع المشركين من دخول المسجد الحرام، وذلك أنه بعد أن تم فتح مكة للمسلمين أمر النبي صلّى الله عليه وسلّم من العام القابل مناديا ينادى برحاب منى «ألا لا يحجن بعد العام مشرك، ولا يطوفن بالبيت عريان، ومن كان له أجل فأجله إلى مدته» .

وعند ما حج النبي صلّى الله عليه وسلّم عام حجة الوداع لم يجترئ. أحد من المشركين أن يحج أو أن يدخل المسجد الحرام. وهذا هو الخزي في الدنيا لهم، المشار إليه بقوله- تعالى-: لَهُمْ فِي الدُّنْيا خِزْيٌ لأن الجزاء من جنس العمل .

ثم ختمت الآية الكريمة ببيان عاقبة هؤلاء الساعين في خراب مساجد الله فقال- تعالى-:

لَهُمْ فِي الدُّنْيا خِزْيٌ، وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ. أى: لهم في الدنيا هوان وذلة بسبب ظلمهم وبغيهم، ولهم في الآخرة عذاب عظيم يخلدون معه في النار. وليس هناك أشقى ممن يعيش دنياه في هوان وذلة، ثم ينتقل إلى أخراه فيجد مصيره العذاب الأليم الذي لا يموت فيه ولا يحيا.

ثم أخذ القرآن في تسلية المسلمين الذين أخرجوا من مكة وفارقوا المسجد الحرام، مبينا لهم أن الجهات كلها لله- تعالى- فقال:

 


اتصل بنا | الملكية الفكرية DCMA | سياسة الخصوصية | Privacy Policy | قيوم المستخدم

آيــــات - القرآن الكريم


© 2022