لَهُمْ فِيها في تلك الجنة ما يَشاؤُنَ أى: ما يشاءونه من خيرات وملذات حالة كونهم خالِدِينَ فيها خلودا أبديا.
كانَ عَلى رَبِّكَ وَعْداً مَسْؤُلًا أى: كان ذلك العطاء الكريم الذي تفضلنا به على عبادنا المتقين ووعدناهم به، من حقهم أن يسألونا تحقيقه لعظمه وسمو منزلته، كما قال- تعالى- حكاية عنهم في آية أخرى رَبَّنا وَآتِنا ما وَعَدْتَنا عَلى رُسُلِكَ وَلا تُخْزِنا يَوْمَ الْقِيامَةِ، إِنَّكَ لا تُخْلِفُ الْمِيعادَ .
وعلى هذا المعنى يكون قوله مَسْؤُلًا بمعنى جديرا أن يسأل عنه المؤمنون لعظم شأنه.
ويجوز أن يكون السائلون عنه الملائكة، كما في قوله- تعالى-: رَبَّنا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ.. .
ويرى بعضهم أن المعنى. كان ذلك العطاء للمؤمنين وعدا منا لهم، ونحن بفضلنا وكرمنا سننفذ هذا الوعد، قال- تعالى-: وَعْدَ اللَّهِ لا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ.. .
هذا، وقد تكلم العلماء هنا عن المراد بلفظ «خير» في قوله- تعالى- قُلْ أَذلِكَ خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ الْخُلْدِ وقالوا: إن هذا اللفظ صيغة تفضيل، والمفضل عليه هنا وهو العذاب لا خير فيه البته، فكيف عبر- سبحانه- بلفظ خير؟
وقد أجابوا عن ذلك بأن المفاضلة هنا غير مقصودة، وإنما المقصود هو التهكم بهؤلاء الكافرين الذين آثروا الضلالة على الهداية، واستحبوا الكفر على الإيمان.
قال أبو حيان- رحمه الله-: و «خير» هنا ليست تدل على الأفضلية، بل هي على ما جرت به عادة العرب في بيان فضل الشيء، وخصوصيته بالفضل دون مقابلة. كقول الشاعر: فشر كما لخير كما الفداء.. وكقول العرب: الشقاء أحب إليك أم السعادة. وكقوله- تعالى- حكاية عن يوسف- عليه السلام-: رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ .
ثم تنتقل السورة الكريمة إلى الحديث عن حالهم عند ما يعرضون هم وآلهتهم للحشر والحساب يوم القيامة، وقد وقفوا جميعا أمام ربهم للسؤال والجواب، قال- تعالى-: