ثم ذكر- سبحانه- نعمته في الرياح، حيث تكون بشيرا بالأمطار التي تحيى الأرض بعد موتها، فقال- تعالى-: وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ.
وبشرا: أى: مبشرات بنزول الغيث المستتبع لمنفعة الخلق.
أى: وهو- سبحانه- الذي أرسل- بقدرته- الرياح لتكون بشيرا لعباده بقرب نزول رحمته المتمثلة في الغيث الذي به حياة الناس والأنعام وغيرهما.
قال الجمل: «الرياح» أى: المبشرات وهي الصبا- وتأتى من جهة مطلع الشمس- والجنوب والشمال، والدبور- وتأتى من ناحية مغرب الشمس- وفي قراءة سبعية: وهو الذي أرسل الريح.. على إرادة الجنس، و «بشرا» قرئ بسكون الشين وضمها وقرئ- أيضا- نشرا، أى: متفرقة قدام المطر .
وشبيه بهذه الآية قوله- تعالى-: وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ ما قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ .
ثم ذكر- سبحانه- ما ترتب على إرسال الرياح من خير فقال: وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً طَهُوراً ...
أى: وأنزلنا من السماء ماء طاهرا في ذاته، مطهرا لغيره، سائغا في شربه، نافعا للإنسان والحيوان والنبات والطيور وغير ذلك من المخلوقات.
ووصف- سبحانه- الماء بالطهور زيادة في الإشعار بالنعمة وزيادة في إتمام المنة، فإن الماء الطهور أهنأ وأنفع مما ليس كذلك.