«قوله- سبحانه-: وَأَنْ أَلْقِ عَصاكَ معطوف على قوله أَنْ يا مُوسى فكلاهما مفسر للنداء، والفاء في قوله فَلَمَّا رَآها تَهْتَزُّ فصيحة.
والمعنى: نودي أن يا موسى إنى أنا الله رب العالمين، ونودي أن ألق عصاك، فألقاها.
فَلَمَّا رَآها تَهْتَزُّ أى تضطرب بسرعة كَأَنَّها جَانٌّ أى: كأنها في سرعة حركتها وشدة اضطرابها جَانٌّ أى: ثعبان يدب بسرعة ويمرق في خفة ولى مدبرا ولم يعقب. أى: ولى هاربا خوفا منها، دون أن يفكر في العودة إليها. ليتبين ماذا بها، وليتأمل ما حدث لها.
يقال: عقب المقاتل إذا كر راجعا إلى خصمه، بعد أن فر من أمامه.
وهنا جاءه النداء مرة أخرى، في قوله- تعالى-: يا مُوسى أَقْبِلْ وَلا تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ.
أى: يا موسى أقبل نحو المكان الذي كنت فيه، ولا تخف مما رأيته، إنك من عبادنا الآمنين عندنا، المختارين لحمل رسالتنا.