ثم أضاف إلى ذلك قوله: وَأَخِي هارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِساناً أى هو أقدر منى على المدافعة عن الدعوة وعلى تبيان الحق وتوضيحه.
فَأَرْسِلْهُ مَعِي رِدْءاً يُصَدِّقُنِي، إِنِّي أَخافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ والردء: العون والنصير.
يقال: ردأته على عدوه وأردأته، إذا أعنته عليه. وردأت الجدار إذا قويته بما يمنعه من أن ينقض.
أى: فأرسل أخى هارون معى إلى هؤلاء القوم، لكي يساعدني ويعينني على تبليغ رسالتك. ويصدقني فيما سأدعوهم إليه، ويخلفني إذا ما اعتدى على. إِنِّي أَخافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ إذا لم يكن معى أخى هارون يعينني ويصدقني.
والمتأمل في هذا الكلام الذي ساقه الله- تعالى- على لسان موسى- عليه السلام- يرى فيه إخلاصه في تبليغ رسالة ربه، وحرصه على أن يؤتى هذا التبليغ ثماره الطيبة على أكمل صورة، وأحسن وجه.
قال صاحب الكشاف: فإن قلت تصديق أخيه ما الفائدة فيه؟
قلت: ليس الغرض بتصديقه أن يقول له صدقت، أو يقول للناس صدق أخى، وإنما هو أن يلخص بلسانه الحق، ويبسط القول فيه، ويجادل به الكفار كما يصدق القول بالبرهان.
وفضل الفصاحة إنما يحتاج إليه لذلك، لا لقوله: صدقت، فإن سحبان وباقلا يستويان فيه .