وقوله- سبحانه: وَما لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ، إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ ... رد عليهم فيما قالوه، وتجهيل لهم فيما زعموه، والجملة حال من ضمير «ليسمون» .
أى: إنهم ليصفون الملائكة بالأنوثة، والحال أنهم لا علم لهم بتكوين هؤلاء الملائكة، أو بصفتهم.. وإنما يتبعون الظن الباطل في أقوالهم وأحكامهم..
.. وَإِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً أى: وإن الظن الباطل، والاعتقاد الخاطئ لا يغنى في معرفة الحق شيئا، حتى ولو كان هذا الشيء قليلا، لأن العقائد السليمة، لا تبنى على الظنون والأوهام، وإنما تبنى على الحقائق الراسخة والعلوم الثابتة.
وأظهر- سبحانه- لفظ الظن هنا، مع تقدم ذكره لتكون الجملة مستقلة بنفسها، ولتكون- أيضا- بمثابة المثل الذي يقال في الموضع الذي يناسبه.
وبذلك نرى أن هذه الآيات الكريمة، قد وبخت المشركين على شركهم بأسلوب منطقي سليم، حيث ساقت لهم الحقائق في أسلوب يغلب عليه طابع الموازنة والمقارنة، والاستشهاد بالواقع، ووضع أيديهم على أماكن الدواء، لو كانوا ممن يريدونه، ويبحثون عنه.
وبعد هذا البيان الحكيم الذي يحق الحق، ويبطل الباطل، أمر الله- تعالى- نبيه صلى الله عليه وسلم أن يمضى في طريقه الذي رسمه- سبحانه- له، وأن يترك حساب هؤلاء الضالين لله- تعالى- الذي يجازى كل نفس بما كسبت، والذي يعلم السر وأخفى، والذي رحمته وسعت كل شيء ... فقال- تعالى-: