قال ابن كثير: «يذكر الله- تعالى- عن أيوب- عليه السلام- ما كان قد أصابه من البلاء في ماله وولده وجسده، وذلك أنه كان له من الدواب والأنعام والحرث شيء كثير، وأولاد كثيرون، ومنازل مرضية. فابتلى في ذلك كله، وذهب عن آخره، ثم ابتلى في جسده..
ولم يبق من الناس أحد يحنو عليه سوى زوجته.. وقد كان نبي الله أيوب غاية في الصبر، وبه يضرب المثل في ذلك. .
وقال الآلوسى: وهو ابن أموص بن رزاح بن عيص بن إسحاق. وحكى ابن عساكر أن أمه بنت لوط، وأن أباه ممن آمن بإبراهيم فعلى هذا كانت بعثته قبل موسى وهارون. وقيل:
بعد شعيب، وقيل: بعد سليمان..» .
والضر- بالفتح- يطلق على كل ضرر- وبالضم- خاص بما يصيب الإنسان في نفسه من مرض وأذى وما يشبههما.
والمعنى: واذكر- أيها الرسول الكريم أو أيها المخاطب- عبدنا أيوب- عليه السلام- وقت أن نادى ربه، وتضرع إليه بقوله: يا رب أنى أصابنى ما أصابنى من الضر والتعب، وأنت أجل وأعظم رحمة من كل من يتصف بها.
فأنت ترى أن أيوب- عليه السلام- لم يزد في تضرعه عن وصف حاله أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ ووصف خالقه- تعالى- بأعظم صفات الرحمة دون أن يقترح شيئا أو يطلب شيئا، وهذا من الأدب السامي الذي سلكه الأنبياء مع خالقهم- عز وجل-.
قال صاحب الكشاف: «ألطف- أيوب- في السؤال، حيث ذكر نفسه بما يوجب الرحمة، وذكر ربه بغاية الرحمة، ولم يصرح بالمطلوب. ويحكى أن عجوزا تعرضت لسليمان بن عبد الملك فقالت: يا أمير المؤمنين، مشت جرذان- أى فئران- بيتي على العصى!! فقال لها: ألطفت في السؤال، لا جرم لأجعلنها تثب وثب الفهود، وملأ بيتها حبا..» .