وقوله لَعَنَهُ اللَّهُ صفة ثانية. أى: طرده من رحمته طردا مقترنا بسخط وغضب.
ثم حكى- سبحانه- أن الشيطان قد أقسم بأنه لن يكف عن إبعاد بنى آدم عن طريق الحق فقال: وَقالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبادِكَ نَصِيباً مَفْرُوضاً:
أى: أن الشيطان قال مؤكدا ومقسما لأتخذن من عبادك الذين هم من ذرية آدم، نصيبا مفروضا. أى: لأجعلن لي منهم مقدارا معينا قليلا كان أو كثيرا، وهم الذين سأصرفهم عن الطريق الحق، وسأجعلهم خاضعين لوسوستى ومنقادين لأمري. وقوله لَأَتَّخِذَنَّ من الاتخاذ وهو أخذ الشيء على جهة الاختصاص. وقوله مَفْرُوضاً من الفرض بمعنى القطع. وأطلق هنا على العدد المعين من الناس لاقتطاعه عن سواه من صالحي المؤمنين. فكل من أطاع الشيطان من بنى آدم فهو نصيبه المقطوع منهم له.
وجملة وَقالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبادِكَ نَصِيباً مَفْرُوضاً معطوفة على الجملة المتقدمة عليها. أى:
أن هؤلاء المشركين ما يطيعون في عبادتهم لغير الله إلا شيطانا مريدا جامعا بين لعنة الله- تعالى- له، وبين هذا القول الشنيع الصادر منه عند اللعن.