وقوله وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ بيان لحسن الثواب الذي وعد الله به عباده المؤمنين في مقابلة بيان العقاب الذي أعده للكافرين.
وتلك عادة القرآن في تربية النفوس. إنه يسوق عاقبة الكافرين ثم يتبعها بحسن عاقبة المؤمنين أو العكس، ليحمل العقلاء على الابتعاد عن طريق الكفر والعصيان، وليغريهم بالسير في طريق الطاعة والإيمان.
أى: والذين آمنوا إيمانا حقا، وعملوا في دنياهم الأعمال الطيبات الصالحات سَنُدْخِلُهُمْ يوم القيامة جَنَّاتٍ تَجْرِي من تحت شجرها وقصورها الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً أى:
أكرمناهم إكراما عظيما بأن جعلناهم مقيمين في الجنة لا يموتون ولا يخرجون منها لَهُمْ فِيها أَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ أى لهم فيها نساء بريئات ومنزهات من جميع الأدناس الحسية والمعنوية.
وقوله: وَنُدْخِلُهُمْ ظِلًّا ظَلِيلًا أى: ظلا وارفا جميلا لا يصيب صاحبه حر ولا سموم.
والظل: أثر لما يحجب الشمس وحرارتها. والظليل: صفة مشتقة من الظل للتأكيد على حد قولهم: ليل أليل أى ظلا بلغ الغاية في جنسه.
ورحم الله صاحب الكشاف فقد قال: ظَلِيلًا صفة مشتقة من لفظ الظل لتأكيد معناه.
كما يقال: ليل أليل. ويوم أيوم وما أشبه ذلك. وهو ما كان فيئا- أى طويلا ممتدا- لا حوب فيه- أى لا خرق ولا قطع فيه- ودائما لا تنسخه الشمس. وسجسجا- أى متوسطا- لا حر فيه ولا برد. وليس ذلك إلا ظل الجنة. رزقنا الله بتوفيقه لما يزلف إليه التفيؤ تحت ذلك الظل .