وسيط - Waseet   سورة  آل عمران الأية 134


سورة Sura   آل عمران   Aal-Imran
۞ وَسَارِعُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (133) الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ ۗ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (134) وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَىٰ مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ (135) أُولَٰئِكَ جَزَاؤُهُم مَّغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ۚ وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ (136) قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (137) هَٰذَا بَيَانٌ لِّلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِّلْمُتَّقِينَ (138) وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ (139) إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ ۚ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاءَ ۗ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (140)
الصفحة Page 67
الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ ۗ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (134)

ثم بين- سبحانه- صفات المتقين الذين يصلحون في الأرض ولا يفسدون، والذين أعد لهم- سبحانه- جنته فقال- تعالى- الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ أى الذين ينفقون أموالهم ابتغاء مرضاة الله في جميع أحوالهم، فهم يبذلونها ابتغاء وجه ربهم في حال يسرهم وفي حال عسرهم، وفي حال سرورهم وفي حال حزنهم، وفي حال صحتهم وفي حال مرضهم، لا يصرفهم صارف عن إنفاق أموالهم في وجوه الخير ما داموا قادرين على ذلك.

وقوله الَّذِينَ يُنْفِقُونَ في محل جر صفة للمتقين. ويجوز أن يكون في محل نصب أو رفع على القطع المشعر بالمدح.

وقال يُنْفِقُونَ بالفعل المضارع، للإشارة بأنهم يتجدد إنفاقهم في سبيل الله آنا بعد آن بدون انقطاع.

وقدم الإنفاق على غيره من صفاتهم لأنه وصف إيجابى يدل على صفاء نفوسهم، وقوة إخلاصهم، فإن المال شقيق الروح، فإذا أنفقوه في حالتي السراء والضراء كان ذلك دليلا على التزامهم العميق لتعاليم دينهم وطاعة ربهم.

وقد مدح الله- تعالى- الذين ينفقون أموالهم في سبيله في عشرات الآيات من كتابه، ومن ذلك قوله- تعالى-: مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ، وَاللَّهُ يُضاعِفُ لِمَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ أما الصفتان الثانية والثالثة من صفات هؤلاء المتقين فهما قوله تعالى: وَالْكاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعافِينَ عَنِ النَّاسِ.

أى سارعوا أيها المؤمنون إلى العمل الصالح الذي يوصلكم إلى جنة عظيمة أعدها الله- تعالى- لمن يبذلون أموالهم في السراء والضراء، ولمن يمسكون غيظهم، ويمتنعون عن إمضائه مع القدرة عليه، ولمن يغضون عمن أساء إليهم، فالمراد بكظم الغيظ حبسه وإمساكه. يقال:

كظم فلان غيظه إذا حبسه ولم يظهره مع قدرته على إيقاعه بمن أغضبه. ويقال: كظم البعير جرته، إذا ردها وكف عن الاجترار. وكظم القربة: إذا ملأها وشد على فمها ما يمنع من خروج ما فيها.

وقد ساق ابن كثير جملة من الأحاديث التي وردت في فضل كظم الغيظ والعفو عن الناس ومن ذلك ما رواه الشيخان عن أبى هريرة عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: «ليس الشديد بالصرعة ولكن الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب» .

وروى الإمام أحمد- بسنده- عن حارثة بن قدامة السعدي أنه سأل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال:يا رسول الله: قل لي قولا ينفعني وأقلل على لعل أعقله: فقال له: «لا تغضب» فأعاد عليه حتى أعاد عليه مرارا كل ذلك يقول: «لا تغضب» .

وعن أبى بن كعب أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «من سره أن يشرف له البنيان وترفع له الدرجات فليعف عن من ظلمه ويعط من حرمه، ويصل من قطعه».

وكظم الغيظ والعفو عن الناس هاتان الصفتان إنما تكونان محمودتين عند ما تكون الإساءة متعلقة بذات الإنسان، أما إذا كانت الإساءة متعلقة بالدين بأن انتهك إنسان حرمة من حرمات الله ففي هذه الحالة يجب الغضب من أجل حرمات الله، ولا يصح العفو عمن انتهك هذه الحرمة.

فلقد وصفت السيدة عائشة النبي صلّى الله عليه وسلّم بأنه كان لا يغضب لنفسه فإذا انتهكت حرمات الله لم يقم لغضبه شيء.

وقوله: وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ تذييل مقرر لمضمون ما قبله.

والإحسان معناه الإتقان والإجادة. وأل في المحسنين إما للجنس أى والله- تعالى- يحب كل محسن في قوله وعمله، ويكون هؤلاء الذين ذكر الله صفاتهم داخلين دخولا أوليا.

وإما أن تكون للعهد فيكون المعنى: والله- تعالى- يحب هؤلاء المحسنين الذين من صفاتهم أنهم ينفقون أموالهم في كل حال من أحوالهم، ويكظمون غيظهم، ويعفون عمن ظلمهم.

 


اتصل بنا | الملكية الفكرية DCMA | سياسة الخصوصية | Privacy Policy | قيوم المستخدم

آيــــات - القرآن الكريم


© 2022