أى فسيعطيهم- سبحانه- بفضله وإحسانه بسبب إيمانهم وعملهم الصالح، أجورهم كاملة غير منقوصة، من ثواب جزيل، وجنات تجرى من تحتها الأنهار وأزواج مطهرة، ورضوان من الله أكبر من كل ذلك.
ففي هذه الجملة الكريمة بشارة عظمى للمؤمنين الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا على طريقه.
ثم ختم- سبحانه- الآية بقوله: وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ.
أى أنه- سبحانه- عادل في أحكامه، ويكره الظلم والظالمين الذين لا يضعون الأمور في مواضعها.
ومن أفحش أنواع الظلم ما يقوله أهل الكتاب على عيسى- عليه السلام- فقد زعم بعضهم أنه ابن الله، وزعم فريق آخر أنه ثالث ثلاثة وافترى عليه اليهود وعلى أمه مريم البتول المفتريات التي برأهما الله- تعالى- منها.
أما الذين آمنوا فقد قالوا في عيسى وأمه قولا كريما، ولذلك كافأهم الله- تعالى- وبينت يستحقون من ثواب.
وبذلك تكون الآيات الكريمة قد حكت لنا جانبا من فضائل عيسى- عليه السّلام- وبينت للناس جزاء المؤمنين وجزاء الكافرين حتى يثوبوا إلى رشدهم ويسلكوا الطريق القويم.
وبعد أن حكى الله- تعالى- في الآيات السابقة ولادة عيسى- عليه السّلام- وما أجراه على يديه من معجزات، وما أكرمه به من مكرمات، وكيف كان موقف بنى إسرائيل منه، وكيف أبطل الله مكرهم وخيب سعيهم، إذ رفعه إليه وطهره من أقوالهم الباطلة وأفعالهم الأثيمة وتوعد أعداءه بالعذاب الشديد ووعد أتباعه بالثواب الجزيل.. بعد أن حكى القرآن كل ذلك ختم حديثه عن عيسى- عليه السّلام- ببيان حقيقة تكوينه، وبإزالة وجه الغرابة في ولادته، وبتلقين النبي صلّى الله عليه وسلّم الرد الصحيح على كل مجادل في شأن عيسى- عليه السّلام- استمع إلى القرآن وهو يصور كل ذلك بأسلوبه المعجز فيقول: