ثم بين- سبحانه- بعد ذلك، حال ثمود وما نزل بهم من عذاب فقال: وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ....
أى: وأما قوم ثمود الذين أرسلنا إليهم نبينا صالحا، فبينا لهم عن طريقه سبيل الرشاد وسبيل الغي. فالمراد بالهداية هنا: البيان والإرشاد والدلالة على الخير.
فَاسْتَحَبُّوا الْعَمى عَلَى الْهُدى أى: فاختاروا الكفر على الإيمان، وآثروا الغي على الرشد.
فالمراد بالعمى هنا الكفر والضلال، والمراد بالهداية الإيمان والطاعة.
فَأَخَذَتْهُمْ صاعِقَةُ الْعَذابِ الْهُونِ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ أى: فكانت نتيجة إيثارهم الكفر على الإيمان، وتصميمهم على ذلك.. أن أنزلنا عليهم الصاعقة التي أهلكتهم، والعذاب المبين الذي أبادهم، بسبب ما اكتسبوه من ذنوب وقبائح.
وقد حكى- سبحانه- ما أنزله بعاد وثمود من عذاب في آيات كثيرة، منها قوله- تعالى-: كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعادٌ بِالْقارِعَةِ. فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ. وَأَمَّا عادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عاتِيَةٍ. سَخَّرَها عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيالٍ وَثَمانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً. فَتَرَى الْقَوْمَ فِيها صَرْعى كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ نَخْلٍ خاوِيَةٍ .
وقد ذكر بعضهم أن الأيام النحسات التي نزل فيها العذاب على قوم عاد، كانت في أواخر شهر شوال، وأن أولها كان في يوم الأربعاء، وآخرها- أيضا- كان في يوم الأربعاء، ولذا صار بعض الناس يتشاءم من هذا اليوم.
والحق أن ما ذكروه في هذا الشأن لا دليل عليه، ولا يلتفت إليه، وأن ما أصاب هؤلاء إنما كان بشؤم كفرهم ومعاصيهم.
قال بعض العلماء بعد أن ذكر بعض الآثار التي ذكروها في أن يوم الأربعاء يوم نحس:
«فهذه الروايات وأمثالها لا تدل على شؤم يوم الأربعاء على من لم يكفر بالله ولم يعصه، لأن أغلبها ضعيف، وما صح معناه منها فالمراد بنحسه شؤمه على أولئك الكفرة العصاة الذين أهلكهم الله فيه بسبب كفرهم ومعاصيهم».