ثم أرشد- سبحانه- إلى ما ينمى روح المحبة والمودة.. بين الداعي والمدعوين بصفة خاصة، وبين المسلم وغيره بصفة عامة، فقال: وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ.
أى: ولا تستوي الخصلة الحسنة ولا الخصلة السيئة، لا في ذواتهما ولا في الآثار التي تترتب عليهما، إذ الخصلة الحسنة جميلة في ذاتها، وعظيمة في الآثار الطيبة التي تنتج عنها، أما الخصلة السيئة فهي قبيحة في ذاتها وفي نتائجها.
وقوله- تعالى-: ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إرشاد منه- تعالى- إلى ما يجب أن يتحلى به عباده المؤمنون.
أى: ما دامت الخصلة الحسنة لا تتساوى مع الخصلة السيئة، فعليك- أيها المسلم- أن تدفع السيئة إذا جاءتك من المسيء، بأحسن ما يمكن دفعها به من الحسنات، بأن تقابل ذنبه بالعفو، وغضبه بالصبر، وقطعه بالصلة وفظاظته بالسماحة.
وقوله- سبحانه-: فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَداوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ بيان للآثار الجميلة التي تترتب على دفع السيئة بالحسنة.
والولي: هو الصديق المحب الشفيق عليك، من الولي بمعنى القرب.
والحميم: يطلق في الأصل على الماء الحار ... والمراد به هنا: الصديق الصدوق معك.
أى: أنت إذا دفعت السيئة بالحسنة، صار عدوك الذي أساء إليك، كأنه قريب منك، لأن من شأن النفوس الكريمة أنها تحب من أحسن إليها، ومن عفا عنها، ومن قابل شرها بالخير، ومنعها بالعطاء.