فَإِنْ يَصْبِرُوا عن العذاب فَالنَّارُ مَثْوىً لَهُمْ أى: فالنار هي المكان المعد لثوائهم فيه، ولبقائهم به بقاء أبديا. يقال: ثوى فلان بالمكان إذا أقام به إقامة دائمة. وَإِنْ يَسْتَعْتِبُوا فَما هُمْ مِنَ الْمُعْتَبِينَ أى: وإن يطلبوا الرضا عنهم، فما هم من المرضى عنهم، وإنما هم من المغضوب عليهم، أو وإن يطلبوا منا الرجوع إلى ما يرضينا بأن نعيدهم إلى الدنيا، فما هم من المجابين إلى ذلك.
قال القرطبي: وأصل الكلمة من العتب- بفتح العين وسكون التاء- وهي الموجدة، يقال: عتب عليه يعتب- كضرب يضرب- إذا وجد عليه. فإذا فاوضه فيما عتب عليه فيه، قيل: عاتبه، فإذا رجع إلى مسرتك فقد أعتب. والاسم العتبى، وهو رجوع المعتوب عليه إلى ما يرى العاتب قال الشاعر:
فإن أك مظلوما فعبدا ظلمته ... وإن تك ذا عتبى فمثلك يعتب
وبذلك نرى هذه الآيات الكريمة، قد بينت الأحوال السيئة التي يكون عليها الكافرون يوم القيامة، والمجادلات التي تدور بينهم وبين جوارحهم في هذا اليوم العسير عليهم.
ثم بين- سبحانه- جانبا من الأسباب التي أوقعتهم في هذا المصير الأليم، ومن الأقوال السيئة التي كانوا يتواصون بها فيما بينهم، وعن عاقبة هذا التواصي الأثيم فقال- تعالى-: