وقوله: نَحْشُرُهُمْ أى نجمعهم يوم القيامة للحساب، يقال: حشر القائد جنده، إذا جمعهم للحرب أو لأمر من الأمور.
ويوم ظرف زمان منصوب بفعل مقدر.
والمعنى: واذكر أيها الرسول الكريم أو أيها الإنسان العاقل، يوم نجمع الناس كافة، لنحاسبهم على أعمالهم في الدنيا.
ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا مَكانَكُمْ أَنْتُمْ وَشُرَكاؤُكُمْ أى: ثم نقول للمشركين منهم في هذا اليوم العصيب، الزموا مكانكم أنتم وشركاؤكم فلا تبرحوه حتى يقضى الله قضاءه فيكم، فقوله: مَكانَكُمْ ظرف مكان منصوب بفعل مقدر، وقوله وَشُرَكاؤُكُمْ معطوف على ضمير الفعل المقدر، وقوله أَنْتُمْ تأكيد له. أى قفوا مكانكم أنتم وشركاؤكم.
وجاء العطف بثم، للإشارة إلى أن بين حشرهم وبين ما يقال لهم، مواقف أخرى فيها من الأهوال ما فيها، فثم هنا للتراخي النسبي.
وقال- سبحانه- مَكانَكُمْ أَنْتُمْ وَشُرَكاؤُكُمْ مع أن المشركين كانوا يعتبرون معبوداتهم شركاء الله- من باب التهكم بهم. وللإشارة إلى أن ما عبدوهم لم يكونوا في يوم من الأيام شركاء لله، وإنما المشركون هم الذين وصفوهم بذلك افتراء وكذبا.
وجاء وصفهم بالشرك في حيز الصلة، للإيذان بأنه أكبر جناياتهم وأن شركهم بالله- تعالى- هو الذي أدى بهم إلى هذا المصير المؤلم.
وقوله: فَزَيَّلْنا بَيْنَهُمْ أى: ففرقنا بينهم، وقطعنا ما بينهم من صلات، وميزنا بعضهم عن بعض كما يميز بين الخصوم عند التقاضي والمساءلة.
وزيلنا: من التزييل بمعنى التمييز والتفريق، يقال: زيلت الشيء أزيله إذا نحيته وأبعدته، ومنه قوله- تعالى-: لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذاباً أَلِيماً أى:
لو تميزوا وتفرقوا.
وعبر بالفاء للدلالة على أن هذا التفريق والتمييز قد حدث عقب الخطاب من غير مهلة وجاء الأسلوب بصيغة الماضي مع أن هذا التذييل سيكون في الآخرة، للإيذان بتحقيق الوقوع، وإلى زيادة التوبيخ والتحسير لهم.
وقوله: وَقالَ شُرَكاؤُهُمْ ما كُنْتُمْ إِيَّانا تَعْبُدُونَ معطوف على ما قبله.
والمراد بالشركاء كل ما عبد من دون الله من إنس وجن وأوثان وغير ذلك.
أى: وقال شركاؤهم الذين أشركوهم في العبادة مع الله- تعالى-: إنكم أيها المشركون لم تكونوا لنا عابدين في الدنيا، وإنما كنتم تعبدون أشياء أخرى زينها الشيطان لكم فانقدتم له بدون تدبر أو تعقل.
والمقصود بقولهم هذا- التبري من المشركين، وتوبيخهم على أفكارهم الفاسدة.