وسيط - Waseet   سورة  يونس الأية 58


سورة Sura   يونس   Yunus
وَلَوْ أَنَّ لِكُلِّ نَفْسٍ ظَلَمَتْ مَا فِي الْأَرْضِ لَافْتَدَتْ بِهِ ۗ وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ ۖ وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِالْقِسْطِ ۚ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (54) أَلَا إِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۗ أَلَا إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (55) هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (56) يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ (57) قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَٰلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ (58) قُلْ أَرَأَيْتُم مَّا أَنزَلَ اللَّهُ لَكُم مِّن رِّزْقٍ فَجَعَلْتُم مِّنْهُ حَرَامًا وَحَلَالًا قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ ۖ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ (59) وَمَا ظَنُّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَشْكُرُونَ (60) وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِن قُرْآنٍ وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ ۚ وَمَا يَعْزُبُ عَن رَّبِّكَ مِن مِّثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَلَا أَصْغَرَ مِن ذَٰلِكَ وَلَا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ (61)
الصفحة Page 215
قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَٰلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ (58)

وقوله: قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذلِكَ فَلْيَفْرَحُوا، هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ حض للناس على اغتنام ما في تعاليم الإسلام من خيرات، وإيثارها على ما في الدنيا من شهوات.

أى: قل يا محمد لمن يؤثرون الحياة الدنيا على الآخرة: اجعلوا فرحكم الأكبر، وسروركم الأعظم، بفضل الله الذي شرع لكم هذا الدين على لسان رسوله محمد صلى الله عليه وسلم، وبرحمته التي وسعت كل شيء وهي بالمؤمنين أوسع، لا بما تجمعون في هذه الدنيا من أموال زائلة ومتع فانية.

وقد فسر بعضهم فضل الله ورحمته بالقرآن، ومنهم من فسر فضل الله بالقرآن، ورحمته بالإسلام. ومنهم من فسرهما بالجنة والنجاة من النار.

ولعل تفسير هما بما يشمل كل ذلك أولى: لأنه لم يرد نص صحيح عن الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم يحدد المراد منهما، وما دام الأمر كذلك فحملهما على ما يشمل الإسلام والقرآن والجنة أولى.

قال ابن كثير: قوله- تعالى- قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذلِكَ فَلْيَفْرَحُوا أى:

بهذا الذي جاءهم من الله من الهدى ودين الحق فليفرحوا فإنه أولى مما يفرحون به من حطام الدنيا وما فيها من الزهرة الفانية والذاهبة لا محالة.

فعن أيفع بن عبد الكلاعى قال: لما قدم خراج العراق إلى عمر- رضى الله عنه- خرج عمر ومولى له، فجعل يعد الإبل، فإذا هي أكثر من ذلك، فجعل عمر يقول: الحمد لله- تعالى- ويقول مولاه: هذا والله من فضل الله ورحمته. فقال عمر: كذبت ليس هذا هو الذي يقول الله- تعالى- قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ .

أى: ليس هذا المال هو المعنى بهذه الآية، وإنما فضل الله ورحمته يتمثل فيما جاءهم من الله- تعالى- من دين قويم، ورسول كريم، وقرآن مبين.

ودخلت الباء على كل من الفضل والرحمة، للإشعار باستقلال كل منهما بالفرح به.

والجار والمجرور في كل منهما متعلق بمحذوف، وأصل الكلام: قل لهم يا محمد ليفرحوا بفضل الله وبرحمته، ثم قدم الجار والمجرور على الفعل لإفادة الاختصاص، وأدخلت الفاء لإفادة السببية، فكأنه قيل: إن فرحوا بشيء فليكن بسبب ما أعطاهم الله- تعالى- من فضل ورحمة، لا بسبب ما يجمعون من زينة الحياة الدنيا.

قال القرطبي: «والفرح لذة في القلب بإدراك المحبوب. وقد ذم الله الفرح في مواضع، كقوله- سبحانه- إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ وكقوله إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ ولكنه مطلق. فإذا قيد الفرح لم يكن ذما، لقوله- تعالى- فَرِحِينَ بِما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وكقوله- سبحانه- هنا فَبِذلِكَ فَلْيَفْرَحُوا أى بالقرآن والإسلام فليفرحوا ... » .

 


اتصل بنا | الملكية الفكرية DCMA | سياسة الخصوصية | Privacy Policy | قيوم المستخدم

آيــــات - القرآن الكريم


© 2022