وسيط - Waseet   سورة  هود الأية 45


سورة Sura   هود   Hud
وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِّن قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ ۚ قَالَ إِن تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ (38) فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَن يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُّقِيمٌ (39) حَتَّىٰ إِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَن سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ ۚ وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ (40) ۞ وَقَالَ ارْكَبُوا فِيهَا بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا ۚ إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ (41) وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ وَنَادَىٰ نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَا بُنَيَّ ارْكَب مَّعَنَا وَلَا تَكُن مَّعَ الْكَافِرِينَ (42) قَالَ سَآوِي إِلَىٰ جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ ۚ قَالَ لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَن رَّحِمَ ۚ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ (43) وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاءُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ ۖ وَقِيلَ بُعْدًا لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (44) وَنَادَىٰ نُوحٌ رَّبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ (45)
الصفحة Page 226
وَنَادَىٰ نُوحٌ رَّبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ (45)

والمراد بالنداء في قوله- سبحانه-: وَنادى نُوحٌ رَبَّهُ.. الدعاء والضراعة إلى الله- تعالى- والجملة الكريمة معطوفة على ما قبلها.

أى: وبعد أن تخلف ابن نوح عليه السلام عن الركوب معه في السفينة، وقضى الأمر بهلاك الكافرين ونجاة المؤمنين.. تضرع نوح- عليه السلام- إلى ربه فقال في استعطاف ورجاء:

يا رب! ان ابني «كنعان» مِنْ أَهْلِي فهو قطعة منى، فأسألك أن ترحمه برحمتك إِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ أى: وإن كل وعد تعده لعبادك هو الوعد الحق وأنت- يا ربي- قد وعدتني بنجاة أهلى إلا من سبق عليه القول منهم، لكني في هذا الموقف العصيب أطمع في عفوك عن ابني وفي رحمتك له.

وقوله: وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحاكِمِينَ أى: وأنت يا إلهى- لا راد لما تحكم به، ولا معقب لحكمك، وحكمك هو الحق والعدل، وهو المنزه عن الخطأ والمحاباة، لأنه صادر عن كمال العلم والحكمة.

واكتفى نوح- عليه السلام- بأن يقول: رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي. وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ، وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحاكِمِينَ دون أن يصرح بمطلوبه وهو نجاة ابنه تأدبا مع الله- تعالى- وحياء منه- سبحانه- واعتقادا منه بأنه- سبحانه- عليم بما يريده، وخبير بما يجول في نفسه.

وهذا لون من الأدب السامي، سلكه الأنبياء- عليهم الصلاة والسلام- في مخاطبتهم لربهم- عز وجل- ومن أولى منهم بذلك؟!! ولعل نوحا- عليه السلام- عند ما تضرع إلى ربه- سبحانه- بهذا الدعاء لم يكن يعلم أن طلب الرحمة أو النجاة لابنه الكافر ممنوع، فكان حاله في ذلك كحال النبي صلى الله عليه وسلم عند ما قال لعمه أبى طالب: «لأستغفرن لك ما لم أنه عن ذلك» واستمر يستغفر له إلى أن نزل قوله- تعالى- ما كانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كانُوا أُولِي قُرْبى.. .

وقال الشيخ القاسمى: وإنما قال نوح ذلك- أى: رب إن ابني من أهلى.. ألخ- لفهمه من الأهل ذوى القرابة الصورية، والرحمة النسبية، وغفل- لفرط التأسف على ابنه- عن استثنائه- تعالى- بقوله: إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ ولم يتحقق أن ابنه هو الذي سبق عليه القول، فاستعطف ربه بالاسترحام، وعرض بقوله وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحاكِمِينَ إلى أن العالم العادل الحكيم لا يخلف وعده .

 


اتصل بنا | الملكية الفكرية DCMA | سياسة الخصوصية | Privacy Policy | قيوم المستخدم

آيــــات - القرآن الكريم


© 2022