وقوله: أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ بيان لما ترتب على إغواء الشيطان لهم. وقد قرأ عامة القراء أَلَّا- بتشديد اللام- ويَسْجُدُوا فعل مضارع منصوب بأن المدغمة في لفظه لا، وهو مع ناصبه في تأويل مصدر، في محل نصب على أنه مفعول لأجله.
والمعنى: وزين لهم الشيطان أعمالهم من أجل أن يتركوا السجود لله- تعالى- الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ أى: الذي يظهر الشيء المخبوء في السموات والأرض، كائنا ما كان هذا الشيء، لأنه- سبحانه- لا يخفى عليه شيء فيهما.
قال الآلوسى: وقوله- تعالى-: أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ أى: لئلا يسجدوا لله واللام للتعليل، وهو متعلق بصدهم أو بزين. والفاء في فَصَدَّهُمْ لا يلزم أن تكون سببية لجواز كونها تفريعية أو تفصيلية، أى: فصدهم عن ذلك لأجل أن لا يسجدوا لله- عز وجل-.
أو زين لهم ذلك لأجل أن لا يسجدوا له- تعالى-.
ثم قال: وقرأ الكسائي: أَلَّا- بتخفيف اللام- على أنها حرف استفتاح وتنبيه .
وقوله- تعالى-: وَيَعْلَمُ ما تُخْفُونَ وَما تُعْلِنُونَ معطوف على ما قبله.
والمعنى: زين لهم الشيطان أعمالهم لئلا يسجدوا لله الذي يعلم المخبوء والمستور في السموات والأرض، ويعلم ما تخفون من أسرار، وما تعلنون من أقوال.
قال بعض العلماء: «واعلم أن التحقيق أن آية النمل هذه، محل سجدة على كلتا القراءتين، لأن قراءة الكسائي فيها الأمر بالسجود، وقراءة الجمهور فيها ذم تارك السجود وتوبيخه» .