وبعد أن بلغت حاشيتها بمصدر الكتاب ومضمونه، استأنفت حديثها فقالت: يا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي والفتوى: الجواب على المستفتى فيما سأل عنه، والمراد بها هنا: المشورة وإبداء الرأى.
أى: قالت يا أيها الأشراف والقادة من قومي، أشيروا على ماذا سأفعل في أمر هذا الكتاب الذي جاءني من سليمان، والذي يطلب منا فيه ما سمعتم؟
ثم أضافت إلى ذلك قولها: ما كُنْتُ قاطِعَةً أَمْراً حَتَّى تَشْهَدُونِ أى: أنتم تعلمون أنى لا أقطع أمرا يتعلق بشئون المملكة إلا بعد استشارتكم، وأخذ رأيكم.
وفي قولها هذا دليل على حسن سياستها، ورجاحة عقلها، حيث جمعت رءوس مملكتها، واستشارتهم في أمرها، وأعلمتهم أن هذه عادة مطردة عندها. وبذلك طابت نفوسهم، وزادت ثقتهم فيها.