وقوله- تعالى-: إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتى، وَلا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعاءَ إِذا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ ... تعليل آخر لوجوب التوكل على الله- تعالى-.
وقد شبه- سبحانه- أولئك المشركين، بالأموات الذين فقدوا الحياة، وبالصم الذين فقدوا السمع، وبالعمى الدين فقدوا البصر، وذلك لأنهم لم ينتفعوا بهذه الحواس، فصاروا كالفاقدين لها.
أى: دم- أيها الرسول الكريم- على توكلك على الله- تعالى- وحده، وإنك لا تستطيع أن تسمع هؤلاء المشركين. ما يردهم عن شركهم، لأنهم كالموتى الذين لا حس لهم ولا عقل، ولأنهم كالصم الذين فقدوا نعمة السمع.
وقوله: إِذا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ لتتميم التشبيه. وتأكيد نفى السماع. أى: إذا أعرضوا عن الحق إعراضا تاما، وأدبروا عن الاستماع إليك.
قال الجمل: فإن قلت: ما معنى قوله مُدْبِرِينَ والأصم لا يسمع سواء أقبل أو أدبر؟.
قلت: هو تأكيد ومبالغة للأصم. وقيل: إن الأصم إذا كان حاضرا قد يسمع رفع الصوت، أو يفهم بالإشارة، فإذا ولى لم يسمع ولم يفهم.
ومعنى الآية: إنهم لفرط إعراضهم عما يدعون إليه كالميت، الذي لا سبيل إلى إسماعه، وكالأصم الذي لا يسمع ولا يفهم.. .