ولذا جاء الرد عليهم، يحمل في طياته العذاب الشديد، والتهكم المرير، فيقول- تعالى- آمرا رسوله صلّى الله عليه وسلم بالرد عليهم: قُلْ عَسى أَنْ يَكُونَ رَدِفَ لَكُمْ بَعْضُ الَّذِي تَسْتَعْجِلُونَ.
والرديف- كما يقول صاحب المصباح- الذي تحمله خلفك على ظهر الدابة.. ومنه ردف المرأة، وهو عجزها، والجمع أرادف.. وترادف القوم: إذا تتابعوا، وكل شيء تبع شيئا فهو ردفه. .
أى: قل لهم- أيها الرسول الكريم- لا نتعجلوا العذاب فعسى ما تستعجلونه من عذاب، بعضه قد لحقكم ونزل بكم، وبعضه في طريقه إليكم، وأنتم لا تشعرون بذلك، لشدة غفلتكم، وتبلد مشاعركم.
والتعبير بقوله: رَدِفَ لَكُمْ يشعر بأن العذاب ليس بعيدا عنهم، وإنما هو قريب منهم، كقرب الراكب فوق الدابة ممن هو ردفه- أى خلفه- عليها.
ولقد لحقهم شيء من هذا العذاب الذي تعجلوه في مكة، عند ما أصيبوا بالقحط والجدب، ولحقهم شيء منه بعد ذلك في بدر، عند ما قتل المسلمون أكثر زعمائهم، كأبى جهل، وغيره..
ولعذاب الآخرة أشد وأبقى.